الخميس، 17 أكتوبر 2013

العفو الملكي صلة رحم بين الحاكم والمحكوم




مما لاشك فيه أن معظم شهداء استقلال المغرب والمقاومة وجيش التحرير   أمازيغ و صحراويين  ضحوا بكل شيء من أجل حرية المغرب وكانت نسبة الأرامل والثكالى في الثلاثينات والأربعينات  الخمسينات مرتفعة بين الامازيغيات والصحراويات  بسبب استشهاد ذويهم في سبيل الوطن  وكان علال الفاسي  يستخدم رجال الدين لدعوتهم للجهاد في سبيل الله وتحرير الوطن  ونصرة حفيد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الملك محمد الخامس و كان الامازيغ والصحراويين   العمود الفقري لثورة الملك والشعب والسباقين لمبايعته لأنهم يعتبرون أنفسهم أخوال للأسرة العلوية الشريفة المغربية  .
وفي المقابل يرسل علال الفاسي  شباب وبنات فاس للمدارس والجامعات في المشرق العربي وفرنسا ليتعلموا و يديروا الدولة بعد التحرير  وقد أفرز ت هذه الإستراتيجية بعد وفاة علال الفاسي وانحراف الأجيال التالية  من أبناء فاس عن نهجه الوطني  طبقتين في المجتمع المغربي  الأولى طبقة الفاسيين  الذين يملكون كل شيء ويسيطرون على أجهزة الحكم  الأمنية " المخزن " والدبلوماسية ويقمعون باسم شرعية الدولة  ويهيمنون على التدريس في الجامعات .
 والطبقة الثانية هي  الأمازيغ والصحراويين المسحوقين الذين سرقت منهم ثورة الملك والشعب والاستقلال الذي صنعوه بدمائهم وأموالهم ويعانون من الفقر والأمية  ليجدوا  من يزايد عليهم في حب الوطن ويتهمهم بخدمة أجندة خارجية .
وعلى مدى أكثر من ثلاثين سنة قام اللوبي الفاسي  المرتبط بسياسات جمال عبد الناصر وحزب البعث وآل سعود  باستخدام   وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري للدوس على كل من ينتقد انفرادهم بالحكم وامتلأت سجون المغرب بأبناء الأسر المغربية التي ضحت من أجل استقلال الوطن " الامازيغ والصحراويين "   وعاش المغرب سنوات الجمر وتسبب ذلك اللوبي في نفور شرائح أمازيغية وصحراوية  من السلطة  بسبب الإقصاء والتهميش والحرمان من دسترة لغتهم    كما ساهم اللوبي الفاسي في   تقزيم المغرب سياسيا ليصبح  دولة صغيرة تدور في  فلك نفوذ الدول الرئيسة في المشرق العربي " السعودية ومصر وسوريا "  .
 وفي أواخر عهد المغفور له الملك الحسن الثاني بدأت بشائر الفرج تلوح في الأفق بتعيين زعيم المعارضة الإصلاحي عبد الرحمن اليوسفي رئيسا للحكومة المغربية وقد استفاد المغرب من ذلك  الحدث الاستثنائي في المنطقة الذي تزامن مع  النجاحات التي حققتها السياسة الخارجية المغربية بفضل الدوري المحوري للملك الحسن الثاني في عملية السلام في الشرق الأوسط على كافة مساراتها والتي أثمرت عودة ياسر عرفات إلى غزة وأريحا وتوقيع معاهدة وادي عربة التي رسمت الحدود بين إسرائيل والأردن  ونال ياسر عرفات و إسحاق رابين جائزة نوبل للسلام بفضل عبقرية وانجازات المغفور له الملك الحسن الثاني رئيس لجنة القدس ومهندس العملية .
وفي أول  أيام  حكم الملك محمد السادس قام بخطوة عززت مكانته في قلوب المغاربة وهي عزل وتنحية إدريس البصري وزير الداخلية الأسبق  وهو القرار الذي باركه الشعب المغربي ومجده الإعلام الوطني الحر المستقل وقام الملك  الشاب بالعديد من الخطوات الإصلاحية منها إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية  وصاغ  مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية في إطار السيادة الكاملة للمغرب  على ترابه الوطني الذي نال إجماع وطني  وتأييد دولي .
ثم إن الحرب الأمريكية على الإرهاب هي  حملة صليبية على الإسلام وقد اعترف الرئيس الأمريكي  السابق جورج بوش الابن  بذلك في خطابه  أمام قواته على متن إحدى حاملات الطائرات في الخليج  عام 2004 كما أقر  بذلك جون بولتن كبير منظري المحافظين الجدد في مقابلة له مع بعض وسائل الإعلام الأمريكية وقد كلف اللوبي الزنجي  الأمريكي مجلسي وزراء الداخلية العرب والأفارقة بوضع النسخة الإقليمية  للحرب الأمريكية على الإسلام   وقد كانت النتائج مرضية للسود الأمريكيين  المعادين للمسلمين البيض بقيادة كوندليزا رايس مهندسة مشروع الفوضى الخلاقة .
 وقد تم استهداف ثلاثة من أصل خمسة من أركان الإسلام بالإرهاب " فالذين يصلون في المساجد يتآمرون على النظام والذين يدفعون الزكاة ممولين للإرهاب والذين يحجون بيت الله الحرام يحضرون اجتماع الخلايا الإرهابية النائمة عبر العالم الإسلامي  طبقا لاتفاقية مكافحة الإرهاب " فهل بعد كل هذا يمكن محاكمة صحفي في دولة مسلمة دستورها وقوانينها مستمدة من الشريعة الإسلامية  بقوانين مكافحة الإرهاب المعادية للإسلام أصلا  ؟.
 هناك إجماع وطني  في المغرب على الملكية والوحدة الترابية  وعلى الإخلاص للأسرة العلوية الشريفة لأنها خيار استراتيجي ومصلحة وطنية عليا وان الإعلام المغربي الحر والمستقل  يؤيد المؤسسات الدستورية للمملكة  المغربية وأن دعوات الإصلاح التي تنادي بها  حركة 20 فبراير تهدف إلى تصحيح مسار الملكية في المغرب  لتصبح  كما كانت في عهد الملك الولي الصالح محمد الخامس بطل الاستقلال حتى يشعر المواطن بحلاوة المواطنة  والاعتزاز بالانتماء للوطن  .
إن الأسرة العلوية الشريفة تحظى بقدسية وعلى مسافة واحدة من كل المغاربة باختلاف أصولهم ومنابتهم بسبب دورها المحوري  في الاستقلال ويجب  معاملة أفرادها بما يليق بهم من التقدير والاحترام   كما يوجد إجماع وطني على ضرورة  التدرج في الإصلاح ليكون فعال على المدى البعيد  وأن التعديل الأخير في الدستور كان نموذج يحتذى به في المنطقة حيث افرز ملكية وسطية ليست مطلقة  ولا مقيدة   يحظى فيها الملك المغربي  بشرعية دينية ويملك صلاحيات العفو الملكي ويكون فيها الملك صمام الأمان ورمز للشرعية والسيادة الوطنية .
إن الحراك الأمازيغي يهدف إلى  ترسيم اللغة الأمازيغية  في الدستور المغربي ودمج ما يتوافق مع الشريعة الإسلامية من القانون العرفي الأمازيغي في قوانين المغرب مثلما  يعترف  الأردن بأحكام  القضاء العشائري  ومعاملة الأمازيغ  والصحراويين في المغرب معاملة  العشائر في الأردن بوصفهم السكان الأصليين للبلاد الذين  بايعوا  الملوك الأشراف الهاشميين حتى أصبحت الشرعية العشائرية من أقوى ما يعتمد عليه الهاشميون في حكمهم  .
 وعلى غرار الملوك والأمراء  الهاشميون في  الأردن سوف يؤدي ترسيم  الأمازيغية ودمج قانونهم العرفي في قوانين المغرب إلى منح الحكم العلوي المغربي شرعية أمازيغية صحراوية على أساس  أن معظم ملوك وأمراء المغرب العلويين أخوالهم امازيغ وصحراويين وان الدماء الامازيغية والصحراوية تجري في عروق كل الأمراء والملوك الأشراف المغاربة و أن صلة الرحم بين الحاكم العلوي وأخواله المحكومين  الامازيغ والصحراويين واجب شرعي  و العفو عند المقدرة ذروة سنام  صلة الرحم  وهذا ما جعلني على قناعة  بأن المطالبة بإطلاق سراح الزميل الصحفي علي أنوزلا مطلب وطني يجب أن  يمر من  خلال  المؤسسات الدستورية للمملكة المغربية وإقناع صانع القرار المغربي  بإصدار عفو ملكي خاص عنه لتلميع صورة الوطن  .
ثم إن العفو الملكي  يزيد من هيبة واحترام الملك كما أن العدل عند الملوك الأشراف يتلخص في العفو عن المنتقدين والمشاكسين ومكافأة المخلصين والموالين والمبادرة في المكرمات الملكية  للمحايدين والمترددين وبلغة المصالح سوف يستفيد المغرب من العفو الملكي عن الصحفي علي أنوزلا  فوائد كثيرة منها تلميع صورة المملكة المغربية إقليميا ودوليا و الإشادة العالمية بنهج الإصلاح الذي يتبناه الملك والتعديلات الدستورية  وتطور حقوق الإنسان فيه بعد نجاح مساره الديمقراطي الذي انطلق منذ تعيين عبد الرحمن اليوسفي رئيسا للحكومة المغربية في أواخر عهد المغفور له الملك الحسن الثاني وأن تحسين صورة المملكة عبر العفو الملكي قد يشجع تدفق  الاستثمارات الخارجية التي يحتاجها اقتصاد البلد لتوفير فرص عمل للعاطلين  .
ويقوي حركة السياحة في المغرب ويزيد قناعة المغاربة في الأقاليم الجنوبية الصحراوية  بصواب قرارهم التمسك بروابط البيعة مع الملوك العلويين الذين يعفون عند المقدرة وهو ما سيقود لتقوية موقف المغرب في قضية الوحدة الترابية ويعطي دفعة قوية للطرح المغربي الحكم الذاتي في إطار السيادة الكاملة للمغرب على أقاليمه الجنوبية الصحراوية  ويعزز تماسك الجبهة الداخلية المغربية  حفظ الله المغرب وأدام عليه نعمة الأمن والاستقرار في ظل الحكم الرشيد الشريف للأسرة العلوية المغربية ذات الشرعية الدينية والتاريخية ومهندسة  مشروع الاستقلال الوطني والحفاظ على  مكتسباته وصون وحدته الترابية .
أبو بكر الأنصاري
رئيس المؤتمر الوطني الأزوادي