الأحد، 4 مايو 2014

هل تفتح العهدة الرابعة لبوتفليقة صفحة جديدة مع الأمازيغ ؟




سخر أمازيغ كثيرون من الانتخابات الجزائرية التي صوت وأدى القسم الدستوري فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على كرسي متحرك كما شاركوا في الاحتجاجات ضد ترشح رجل مسن ومريض وحدث لغط وهرج ومرج بشأن العملية الانتخابية ونتائجها وامتلأت شبكات التواصل الاجتماعي بالصور الكاريكاتيرية التي تهزأ بالرئيس المريض والمقالات التي تسفه من صوتوا لرجل وصفه بعض المدونون بأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة  .
وللأمانة  يجب إنصاف عبد العزيز بوتفليقة رجل الدولة  الذي يملك شرعية الانجاز المبنية على تراكمات نضالية منذ نعومة أظافره كمجاهد عاش في مناطق الطوارق ونقل الدعم الازوادي  للثورة الجزائرية منذ عام 1956  فرئيسا للدبلوماسية الجزائرية طوال فترة حكم هواري بومدين ثم دوره في إطفاء النار التي أشعلها إلغاء الجيش نتائج الانتخابات التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ عام 1991 عندما داس الجنرالات على إرادة الشعب الذي صوت عقابيا ضد حزبهم .
  ساهم  عبد العزيز بوتفليقة عبر الوئام المدني في تضميد جراح الجزائر  وقد صوت الطوارق في الأقاليم الجنوبية الجزائرية لبوتفليقة بسبب  منحه الجنسية "لكل تماشق" الوافدين من الأقاليم الازوادية  وتوفيره المياه الصالحة للشرب لمدينة تمنغست و التعليم المجاني والجامعي  الذي وفره لأبناء الطوارق في الجزائر .
كما فتح بوتفليقة   الفضائيات  الحكومية  في وجه الفن الطارقي وانتشرت الأغنية الطارقية و بقية الفنون الشعبية الأخرى  وتم التعريف بالموروث الثقافي الطوارقي في الفضائيات الجزائرية حتى فن العمارة الطارقية بالطين والخشب ومميزاته بالدفئ في الشتاء والبرودة في الصيف أهتم به الإعلام الرسمي بتوجيهات من قصر  المرادية بقيادة بوتفليقة كما أصبح اللباس الطارقي للرجل والمرأة معلمة وطنية جزائرية .
خلال السنوات الماضية كنا صريحين  في موقفنا من الجزائر حيث كنا ضد استبداد وتسلط الجنرالات وكنا ضد تحالف الجنرالات ومالي الذي عانى منه شعبنا الجريح وقد عمد الجنرالات إلى التضييق على الناشطين الازواديين  كما تصدينا بشدة لجرائم الجنرالات في حق الأمازيغ المظابة وقد تمادى الجنرالات في إنكار حق الازواديين في تقرير المصير ورغم تظاهرهم بالعداء لفرنسا الاستعمارية فقد وفر الجنرالات  أجواء البلاد  للمستعمر كما مول الجنرالات وأنظمة عربية أخرى الحملة العدوانية  الفرنسية ضد طموح شعبنا  تحت غطاء مكافحة الإرهاب وهاجمنا بقوة تحالف الجنرالات مع  اللوبي الزنجي والمشروع الصفوي الفارسي الإيراني المعادي للمصالح الأمازيغية الكردية السنية.
كما كنا واضحين في موقفنا من القضية الصحراوية بتأييد ومساندة الطرح المغربي " الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية ضمن السيادة الكاملة للمغرب على أقاليمه الجنوبية " لأنه بلغة المصالح من الأفضل للشعب الصحراوي أن يكون جزء من المملكة المغربية المستقرة الفاعلة في محيطها الإقليمي والدولي  وأن البوليساريو لا تعدو كونها مجموعة يستخدمها جنرالات الجزائرية لتصفية حسابات قديمة مع المغرب على خلفية حرب الرمال ولا يمكن لمخيمات الصحراويين في تندوف  أن يرهنوا حاضرهم أو مستقبلهم بأحقاد الجنرالات  وأن الجزائر لو كانت تؤيد حق الشعوب في تقرير المصير فكان الأولى بها أن تساند الشعب الازوادي في حق تقرير المصير الذي يشكل أبناءه 45% من المليون ونصف شهيد الذين سقطوا من أجل استقلال وكرامة الجزائر .
في هذه الأيام تسعى  الجزائر  لاحتكار الوساطة  في الصراع المالي- الازوادي  وهي في تناغم كامل مع رئيس مالي  إبراهيم بوبكر كيتا الذي يقوم  بنقض كل الاتفاقيات التي ضغط المجتمع الدولي على الحركات الازوادية من أجل  توقيعها رغم الرفض الشعبي  وتحرص  إدارة كيتا على دفع المجتمع الدولي لتدريب قواتها الأمنية وجيشها الذين قتلوا الشعب الازوادي منذ التسعينات .
كما يسعى  الرئيس المالي  إلى فرض عقد اللقاءات  بين حكومته والفصائل الأزوادية في باماكو ليثبت للعالم أن الصراع شأن داخلي مالي و أن الأطراف الأخرى يقتصر دورها على التقريب بين الماليين ليتمكن النظام  من جعل مالي تتصالح مع ذاتها بمساعدة  حلفائها الإقليميين والدوليين وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن نظام أمادو توماني توري أعاد إنتاج نفسه من جديد  والدليل على ذلك استهدافه للحركات الازوادية  ومحاولاته إقصاء أنصار قائد الانقلاب سانغو كما أعاد كثير من رموز عهد توري إلى الواجهة مثل بوبي ميجا و خلى التشكيل الوزاري الجديد من أي وزير من الطوارق .
يجب أن يدرك المجتمع الدولي أن تسليح الجيش والقوات الأمنية لدولة مالي جريمة بحق الإنسانية لأنها قوات مجرمة لا تقل بشاعة عن القوات الصربية التي أدرك العالم وحشيتها وأن  كل من يقدم دعم عسكري لمالي يعتبر شريكا لها في جرائمها  .
ثم  إن هناك متغيرات إقليمية  تحول دون جري الرياح بما تشتهي سفن نظام إبراهيم كيتا وحلفائه جنرالات الجزائر ومنها الربيع العربي والنهضة التي يشهدها المشروع الأمازيغي الذي بدأ يضع بصماته على مستقبل منطقة الشرق الأوسط والمغرب الكبير  وهذه المتغيرات والحقائق على الأرض  ستضع حدا  لغرور نظام الجنرالات وترغمه على فتح صفحة جديدة مع القضية الازوادية و القبول باستقلال أزواد وترسيم الامازيغية في الدستور الجزائري وسيكون أزواد دولة فيدرالية بين ثلاثة أقاليم" تمبكتو وغاو وكيدال " لكل إقليم برلمان محلي وحكومة محلية وهناك البرلمان الاتحادي والحكومة المركزية الاتحادية  .
 ورد الاعتبار للمظابة وإعلان غرداية منطقة تجارية واستثمارية حرة حتى يتمكن أبناءها من لعب دور يتناسب مع مكانتهم ودورهم في تحرير الجزائر  لتكون علاقات الجزائر مع دولة أزواد مثل علاقاتها مع تونس  ومالطا كما سيسمح إقليم كيدال المتاخم للجزائر وعبر حكومته المحلية وبرلمانه المحلي بإقامة علاقات اقتصادية واستثمارية مع الجزائر من بينها السماح لشركة سونتراك بالعمل في كيدال لضمان قيام روابط اقتصادية دائمة بين إقليم كيدال وجارته الجزائر .
وتعمل المرجعيات الأمازيغية على النهوض بالواقع الأمازيغي على ضوء المتغيرات الإقليمية وإيجاد آليات  لتحديث المشروع الأمازيغي  ليصبح متكامل سياسيا واجتماعيا وثقافيا  يراعى خصوصية كل مكون أمازيغي وارتباطاته التاريخية والمذهبية وحلفائه بحيث تصب كلها في خدمة القضية الأمازيغية سواء  تعلق الأمر باستقلال أزواد عن الاحتلال المالي أو  بترسيم ودسترة  الأمازيغية وصولا لبناء منظومة أمازيغية  يتم فيها رد الاعتبار للإنسان الأمازيغي الذي كان عنصرا محوريا في بناء الحضارة الإسلامية في الأندلس وفي دولة المرابطين ويتمكن الحراك الأمازيغي من تحصين جبهته الداخلية لحماية المشروع الوطني من أي لعبة أمم .
وصولا لوضع مثل  الشعوب المشابهة  كالأرد والبشتون والأتراك والكرد وكلها شعوب مسلمة  تملك مشاريع وطنية قومية تتحدث بلغاتها وتقوم بتدريس العلوم الدينية بالعربية كما تقوم بتدريس الطب والهندسة بالانجليزية فحافظت على لغاتها وأبقت العربية لغة لتعليم الدين والانجليزية لغة لتعليم التقنيات الحديثة  وتعيش مع جيرانها من القوميات الأخرى باحترام وسلام وتعايش ضمن دول متعددة الأعراق وتعاملت مع الغرب بندية و مع العالم العربي وفق المصالح المشتركة ضمن احترام ثوابت الطرفين وهي متطورة تقنيا ومتقدمة اقتصاديا مثل النمور الأربعة " كوريا الجنوبية  وماليزيا وتايوان وتايلاند" .
إن النضال السلمي أجدى وأنفع للقضايا العادلة  وأن المقاومة الذكية عبر القلم أفضل من العنتريات الكاذبة كما أن الدعوة إلى الإسلام تبدأ من تلميع صورته  ثم تشجيع الجاليات الإسلامية في الدول الغربية على المشاركة السياسية في بلدانهم والدخول في تحالفات لخدمة قضاياهم وتلميع صورة الإسلام وجعله رقما صعبا في سياسة بلدانهم التي يحملون جنسيتها والمساهمة في تعديل دساتير وأنظمة وقوانين بلدانهم لإعطاء الدين الإسلامي مكانة تساوي بقية الأديان السماوية الأخرى في الغرب واستصدار قوانين وتشريعات تجرم الإساءة للإسلام ونبيه ورموزه وتجريم الإساءة للشعوب المسلمة مثل قوانين معاداة السامية وقوانين تجريم إنكار مذبحة الأرمن.
أبو بكر الأنصاري
رئيس المؤتمر الوطني الأزوادي