الأحد، 22 سبتمبر 2013

معا لإستصدار عفو ملكي عن الصحفي علي أنوزلا لتلميع صورة الوطن





كلما قامت  حكومة  باعتقال صحفي ينتقدها بشكل منتظم  تضع نفسها في مأزق وتصبح عرضة  لانتقادات المنظمات الحقوقية وتجعل سمعتها أمام فوهة بركان  لأقلام في الداخل والخارج  ويتسبب ذلك في مشاكل اقتصادية ناجمة عن تراجع الاستثمارات  الخارجية وانخفاض تصنيفها الائتماني لأن  رأس المال الأجنبي جبان و أيضا يقود  إلى تراجع السياحة  بسبب ضجة اعتقال الصحفي الصادرة عن المنظمات الدولية و أيضا السلبية التي يتناول بها الوسط الإعلامي  سمعة تلك الحكومة  كما أنها تحول ذلك الصحفي المعتقل إلى بطل وقدوة للشباب  في الوطن العربي المتعطش لأبطال منذ نكبة 48 ونكسة 67  وتسمح تلك الحادثة لمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بتتبع عورات  النظام  كما أن قوانين مكافحة الإرهاب لا تصلح لتصفية الحسابات مع الصحفيين المغضوب عليهم من طرف بعض الحكومات.
هناك  أمثلة لبعض الصحفيين  الذين ينتمون لدول ثم أجروا مقابلات مع أعداء دولهم كالإعلاميين البريطانيين في بي بي سي   والصحف اليومية والأسبوعية في لندن  الذين أجروا مقابلات مع قادة الجيش الجمهوري الايرلندي  أو مع المسؤولين الأرجنتينيين خلال  حرب بريطانيا والأرجنتين  على جزر الفوكلاند كما أجرت شبكة سي ان ان ومجلة تايم الأمريكيتان مقابلات مع أسامة بن لادن قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ومع ذلك لم يقدم أي منهم للمحاكمة ولم يعتقل بسبب عرضه مادة تروج لعدو تلك الدولة .
هذه مقدمة لأعبر عن وجهة نظري فيما يتعرض له الزميل الإعلامي المغربي  القدير علي أنوزلا مدير " موقع لكم  " وهو زميل جمعتني به صداقة عندما كنا نعمل معا في مكتب جريدة الشرق الأوسط في الرباط وكان نعم الأخ والصديق وكان  يتعاطف معي عندما عرف أني صحفي من الطوارق من إقليم أزواد دخل الإعلام من أجل التعريف بقضيته ونقل معاناة شعبه الجريح  أسوة بالمناضلين الأمازيغ  في المغرب وقد عرف عن أبناء قبائل الأقاليم الجنوبية للمغرب والأمازيغ تعاطفهم وحماسهم لنصرة القضية الأزوادية.
 علي أنوزلا  صحفي متواضع وموهبة إعلامية و تنطبق عليه  مواصفات الصحفي الناجح لأن التألق الإعلامي والتفوق  الصحفي  ليس بالشهرة والمال والظهور المستمر وإنما بالصداقة وحسن معاملة الزملاء وجعلهم أخوة والتضامن معهم في الشدائد مهما كانت خطورة وحساسية الملفات التي يتهمون فيها  لأن خصوصية العلاقة البينية بين الإعلاميين تحتم على كل  إعلامي  أن يصدر موقف مساند ومتضامن مع زميله وخاصة إن  كان يعرفه بشكل شخصي وعمل معه مهما  اختلفت  مواقفهم من هذه القضية  أو تلك  يبقى  التضامن واجب مهني على كل صحفي حيال أخيه في المهنة .
وحسب ما نشر في وسائل  الإعلام المحلية المغربية  عن ملابسات اعتقال الإعلامي القدير علي أنوزلا  فإن الشريط الذي سبب المشكلة مجرد رابط تم نشره في النسخة الفرنسية لموقع " لكم "   التي يشرف عليها زميله أبوبكر الجامعي وهو عبارة عن رابط أشير إليه في صحيفة البايس الاسبانية التي نقلته بدورها عن موقع اليوتيوب لإثبات صحة الخبر  لأن التوثيق مهم في عالم الصحافة  ولم يكن مادة  من عمل أي محرر بالموقع  كما أنه في قوانين مكافحة الإرهاب لا يعد نشر أو تغطية أخبار الإرهابيين إرهاب أو تحريض عليه   .
   إن سجن أو اعتقال أي صحفي من طرف أي دولة يعطيه دعاية مجانية    تفوق خبرة  30 سنة في الصحافة أو تأليف 100 كتاب في الإعلام أو محاورة  قادة ومشاهير عصره  وفي أقل من ثلاثة سنوات صنع المغرب بطلين  من أبناء الأقاليم الجنوبية هما علي أنوزلا وآمنتو حيدر بسبب ردات  فعل غير محسوبة العواقب تحرج المغرب في الداخل والخارج .
وخلال الأيام الماضية  تابعنا ردود أفعال زملاءنا المدافعين عن أخيهم علي أنوزلا  وتراوحت بين التهجم على الأجهزة الأمنية وانتقاد تراجع الحريات العامة في المملكة المغربية كما تابعنا بقلق  بيان نقابة الصحفيين المغاربة  الذي يندى له الجبين خجلا و كان صدمة للمجتمع   المغربي حيث كان البيان  الفاضح أشد قسوة وظلما على الزميل علي  أنوزلا من السجن وتكالب الأحزاب المتناحرة على السلطة  عليه و  تعيد للأذهان ما قامت به  نقابة الصحفيين المصريين  في عهد جمال عبد الناصر بتحريض من  محمد حسنيين هيكل التي جرمت الأخوين الصحفيين  مصطفى وعلي أمين بصورة انتهازية  تتسم  بالشماتة والتشفي بحق زميل عرف بالمهنية ومساعدة زملائه  وهو ما يصح  تسميته ب"ظلم ذوي المهنة "  .
 وللإنصاف نقول بأن الدفاع عن الزميل القدير علي أنوزلا  لايعني بأي شكل من الإشكال انتقاد النظام أو الهجوم على مؤسساته الدستورية والأمنية فالنظام الملكي المغربي له خصوصية وشرعية متعددة الأبعاد  منها  الديني بسبب انتماء الأسرة العلوية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأن الولاء  لها محل إجماع وطني لكل المغاربة  وكذا  الإنجاز الناجم عن دور الأسرة العلوية الشريفة المحوري في استقلال المغرب والدفاع عن مكتسباته ووحدته الترابية  ثم أن رشق النظام بالتهم والدخول في صدام معه يعد معركة غير متكافئة فالأجهزة الممسكة بالملف تستطيع تلفيق التهم وفبركة الأدلة لاستصدار أحكام قضائية  خصوصا وأن كثير من المراقبين يعتبرون الموضوع  كله على بعضه تصفية حسابات مع صحفي صحراوي غير متحمس لمغربية الصحراء  وقد سبق لنائبة في البرلمان المغربي اتهام الزميل علي أنوزلا بالعمالة للجزائر والبولساريو .
إن الدستور المغربي ينص على أن جلالة الملك محمد السادس يملك حق العفو الملكي فإذا كان قد عفا عن الإسباني المتهم باغتصاب أطفال  قاصرين مغاربة وكانت دوافع العفو الملكي   تحسين العلاقة مع الجارة إسبانيا فمن باب أولى أن ندعو إلى إستصدار عفو ملكي خاص عن الصحفي  علي أنوزلا بموجب الدستور المغربي  بدافع المصالحة مع الذات المغربية وكسب ود جمهوره ومحبيه وكسب احترام الهيئات المحلية والدولية المتضامنة معه وتطييب خاطر الأقلام الوطنية التي دافعت عنه والمشهود لها بالولاء للقضية المحورية " الوحدة الترابية "  ومراعاة الشعور العام الصحرواي الذي يعتبر ما يحدث للزميل علي أنوزلا  ابن " كلميم باب  الصحراء "  تمييز عنصري جارح لكرامة الصحراويين.
  وأن يتعامل القصر الملكي المغربي مع هذا الموضوع بطريقة العفو عند المقدرة  التي يتعامل بها الملوك الهاشميين في الأردن مع منتقديهم و معارضيهم من  الصحفيين والسياسيين الأردنيين  فقد كان الملك حسين بن طلال  يعفو بشكل دائم عن المعارض  الإسلامي المعروف  ليث شبيلات و  المعارضة  اليسارية الشركسية تيجان فيصل اللذان كانا ينتقدان الملك ويتهمان الأسرة الهاشمية بتهم ضخمة  عبر إذاعة لندن التي يسمعها الوطن العربي كله  وكذا قادة جماعة الإخوان المسلمين الأردنية اللذين كانوا يشنون هجوم عنيف على الملك والنظام كلما وقع خلاف بين الأردن وحماس ثم يعفو الملك من اجل المصلحة العامة لتقوية الجبهة الداخلية .
وخلال فترة الخمسينات والستينات عفا الملك حسين بن طلال عن مئات القوميين الناصرين والعبثيين والشيوعيين الذين عملوا لحساب جمال عبد الناصر وحزب البعث والاتحاد السوفيتي ممن قاموا بزعزعة استقرار المملكة وكسب العرش الهاشمي الأردني نتيجة لذلك العفو إخلاص وولاء عشائر من عفا عنهم  وفي عام 1970 التفت العشائر الأردنية خلف الملك حسين إبان أيلول الأسود بسبب صفات العفو عند المقدرة التي يتسم بها نهج الهاشميين في الحكم  إن  نجاح التجربة الملكية البرلمانية الأردنية و بقاء الأردن واحة سلام في محيط شرق أوسطي مضطرب بفعل الربيع  العربي سببه العفو الملكي الخاص عن أبناء الأردن الذين يتهمون بالإساءة للنظام أو للذات الملكية أو الذين يتهمون بالإضرار بأمن الوطن واستقراره .
كما عفا  الأمراء الهاشميين عن الصحفيين الذي شهروا بهم أو الذين اتهموهم بالفساد والثراء الفاحش ومن أحدث  قصص العفو الهاشمي ما قام به  الملك عبد الله بن الحسين  الذي عفا عن كل الصحفيين الذين  كتبوا ضده  و عن  المعارضين الذين قادوا ما عرف على مدى عام ونصف بالحراك الشعبي الذين تراوحت مطالبهم بين محاربة الفساد وتقليص سلطات الملك وقد عفا عنهم بموجب صلاحية العفو التي يطالبون بنزعها  وقامت أخته الأميرة هيا بنت الحسين  بتوظيف العديد منهم في دبي بوصفها زوجة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أمير دبي  كما قامت  الأميرة سمية بنت الحسن بالعفو عمن هتفوا بشعار " الشعب يريد إسقاط النظام " أمام قصرها    .
إن الملوك  الأشراف العلويين  عبر تاريخ المغرب حكموا  قلوب الرعية بالعفو الملكي والمكرمات الملكية وهو ما أفرز ثورة الملك والشعب في الخمسينات التي نجم عنها عقد وطني بين الحاكم والمحكوم ودستور أعطى للملك حق العفو الملكي مهما كانت الأحكام القضائية الصادرة بحق أي مغربي أو مقيم على تراب المغرب  .
وبلغة المصالح سوف يستفيد المغرب من العفو الملكي عن الصحفي علي أنوزلا  فوائد كثرة منها تلميع صورة المملكة المغربية إقليميا ودوليا و الإشادة العالمية بنهج الإصلاح الذي يتبناه الملك والتعديلات الدستورية  وتطور حقوق الإنسان فيه بعد نجاح مساره الديمقراطي الذي انطلق منذ تعيين عبد الرحمن اليوسفي رئيسا للحكومة المغربية في أواخر عهد المغفور له الملك الحسن الثاني وأن تحسين صورة المملكة عبر العفو الملكي قد يشجع تدفق  الاستثمارات الخارجية التي يحتاجها اقتصاد البلد لتوفير فرص عمل للعاطلين الذين يتظاهرون أمام البرلمان المغربي ويقوي حركة السياحة في المغرب ويزيد قناعة المغاربة في الأقاليم الجنوبية الصحراوية  بصواب قرارهم التمسك بروابط البيعة مع الملوك العلويين الذين يعفون عند المقدرة وهو ما سيقود لتقوية موقف المغرب في قضية الوحدة الترابية ويعطي دفعة قوية للطرح المغربي الحكم الذاتي في إطار السيادة الكاملة للمغرب على أقاليمه الجنوبية الصحراوية  ويعزز تماسك الجبهة الداخلية المغربية  حفظ الله المغرب وأدام عليه نعمة الأمن والاستقرار في ظل الحكم الرشيد الشريف للأسرة العلوية المغربية ذات الشرعية الدينية والتاريخية وصاحبة انجاز مشروع الاستقلال الوطني والحفاظ مكتسباته وصون وحدته الترابية .
أبو بكر الأنصاري
رئيس المؤتمر الوطني الأزوادي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق