الخميس، 6 يونيو 2013

التدخل الفرنسي في مالي من أوهام الانتصار إلى واقع الانكسار ؟



قد يتساءل البعض عن الغموض الذي يكتنف التدخل الفرنسي في مالي فقد  توقع المراقبون لشؤون الساحل والصحراء أن تمتد تداعيات زلزال ليبيا إلى جميع دول المنطقة وخاصة المناطق التي كان القذافي يتلاعب بمصيرها عبر جماعات تمرد من صنعه وكذا عبر الرؤساء الدمى الذين أوجدهم ملك ملوك إفريقيا التقليدين عبر الثورات والانقلابات التي كان يدبرها القائد ألأممي منذ انقلابه عام 1969 على الملك الشرعي لليبيا الملك إدريس السنوسي .
العلاقات الليبية  الفرنسية مرت بعدت تقلبات في القارة الإفريقية على مدى 30 سنة بسبب تدخل القذافي في شؤون مستعمراتها  الإفريقية وخاصة الدول المجاورة " مالي النيجر تشاد ودور القذافي في قضية الصحراء المغربية  "و محاولات القذافي المتاجرة بإفريقيا عبر " تجمع س ص والاتحاد الإفريقي " وتنصيبه لنفسه ملكا لملوك إفريقيا على حساب مشاريع غربية مثل الشرق الوسط الكبير والاتحاد من اجل المتوسط حيث أعاق القذافي هذه المشاريع وتأمر على القادة المرتبطين بالغرب وابتز كثير من الحكام من خلال " رابطة تجمع قبائل الصحراء الكبرى " التي استطاع من خلالها شراء ذمم أمراء قبائل وعشائر كانت العمود الفقري لبعض أنظمة الحكم في أكثر من بلد عربي آو إفريقي .
في شهر رمضان من عام 2011 أبرمت فرنسا صفقة مع بعض  قادة أزواد في جنيف في الأشهر الأخيرة من عهد ساركوزي بدون ضمانات مكتوبة تقضي بخروج مقاتلي الطوارق من كتائب القذافي  إلى شمال مالي بكل أسلحتهم وانضمام آخرين إلى الثوار أمثال كتيبة تنيري المكونة أصلا من شباب طوارق ناقمين على القذافي وهم الذين دربوا ثوار الجبل الغربي  مقابل دعم ثورتهم .
انتقل المقاتلون القادمين من ليبيا إلى شمال مالي وانضموا إلى الحركة الوطنية الأزوادية إضافة إلى مجموعة الشهيد إبراهيم بهكنا وشكلوا" الحركة الوطنية لتحرير أزواد " وقد سعت الحركة منذ تأسيها إلى إسماع صوتها لكن مالي تجاهلتها ورفضت الحديث معها ولم تجب على رسائلها مما اضطر الحركة لحمل السلاح وإجبار النظام على التجاوب مع مطالبها وبعد انتصار الحركة عسكريا وإعلانها الاستقلال  قامت مالي والمخابرات الفرنسية وجنرالات الجزائر بصناعة حركة الجهاد والتوحيد وحركة أنصار الدين واستخدام القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التي صنعها اللوبي الزنجي الأمريكي لشيطنة أبناء المنطقة وربطهم بكل ما مغضوب عليه أمريكيا لتخريب المشروع الوطني الأزوادي .
المأزق الفرنسي يزداد استفحالا يوم بعد يوم لأنها من شجع المقاتلين الطوارق على الخروج من ليبيا والمخابرات الفرنسية هي من صنع التنظيمات الإرهابية  وهي من تدعم محاولات مالي استعادة   إقليم أزواد  بما في ذلك كيدال وتحاول فرنسا إخراج القوى الوطنية من المعادلة في شمال مالي بسبب إصرارها  على حق تقرير المصير ووفاءها بوعدها للشعب الذي منحها ثقته .
تحاول المخابرات الفرنسية بالتنسيق مع مالي وجنرالات الجزائر إحداث فتن وصراعات بينية داخل المجتمع الأزوادي فتارة نسمع عن خلافات بين بعض البرابيش وبين بعض الطوارق وتارة نسمع خليل وبيير وما يحدث فيهما من صراعات يقف خلفها مالي وجنرالات الجزائر والمخابرات الفرنسية للتغطية على فشل الحملة الفرنسية من جهة وللتغطية على المصاعب التي يعانيها الرئيس الفرنسي هولاند داخل فرنسا فاليسار الفرنسي اجتمع ضده في اكبر تظاهرة تشهدها باريس في الذكرى الأولى لانتخابه ناهيك عن الخسائر الاقتصادية ومنها انخفاض التصنيف الائتماني لفرنسا وفقدانها 20 مليار يورو من السياحة .
لقد اتسم التدخل الفرنسي بالغموض فهو في ظاهره محاربة للإرهاب المصنوع من طرف المخابرات الفرنسية نفسها وبطلب من دولة مالي الصديقة لفرنسا وذات السيادة على قرارها و التي أبرم قادتها صفقة ببيعها ثروات الشمال مقابل إخلائه من سكانه البيض بمعنى ان تضع باريس يدها على الثروات الطبيعية في شمال مالي مقابل طرد وتشريد سكانه البيض ومنح مالي مساعدة سنوية بمقدار 3.3 مليار يورو سنويا مقابل  استحواذ فرنسا على اليورانيوم والنفط والغاز .
لكن دور فرنسا تراجع إقليما ودوليا بسبب التدخل في مالي وقلت المؤتمرات الصحفية للرئيس فرانسوا هولاند ووزيري خارجيته ودفاعه وبدأ المدونون الفرنسيون يتحدثون عن الفضائح الشخصية للرئيس وطليقته المرشحة شغلين رويال وصار سخرية في منطقة الشرق الأوسط حيث أصبح المصريون والتونسيون يلقبونه بالمرجع الأعلى للمثليين الجنسيين او بابا الكنيسة المثلية الجنسية وصارت قصص شذوذ  ساكن الأليزي هي حديث الشارع .

وقد دب الخلاف بين فرنسا وتركيا حول ملف مالي مما أدى إلى رفض تركيا تدخل حلف الناتو عسكريا في الملف المالي وبقاء فرنسا وحيدة في رمال الصحراء وقد نجم عنه سخط عارم في طول العالم الإسلامي  وعرضه فالشعوب الإسلامية تعتبر التدخل الفرنسي في مالي جولة ثالثة من الحرب الصليبية على الإسلام حيث كان الغزو السوفيتي لأفغانستان الذي انتهي بتفكك الاتحاد السوفيتي الجولة الأولى ثم حروب بوش بعد أحداث 11سبتمبر 2001 غزو أفغانستان والعراق الجولة الثانية والتي انتهت بأزمة مالية عالمية وأزمة الرهن العقاري والآن حرب هولاند هي الجولة الثالثة والتي ستنتهي بربيع فرنسي أوروبي بدأت معالمه بثورة اليسار الفرنسي على الحزب الاشتراكي .
كما أن تشعب الصراع بعد هجمات شمال النيجر والاتهامات التي ويوجهها رئيس النيجر ووزير الخارجية الفرنسي للجنوب الليبي يوحي بأن الحملة الاستعمارية الفرنسية الرامية لاستعادة مستعمراتها الإفريقية بما فيها إقليم فزان بالجنوب الليبي ماضية قدما وهي السبب الرئيسي في الانكسار الذي تعاني منه فرنسا بعد الأسابيع الأولى من نشوة أوهام الانتصار
فرنسا بعد التدخل العسكري في مالي دخلت في نفق مظلم بسبب حربها العبثية في مالي ويمكن القول عن الربيع الفرنسي والأوروبي بدأ في باريس كما كانت تونس أولى محطات قطار الربيع العربي الذي اسقط ثلاثة قادة عرب أقوياء هم مبارك والقذافي وعلي صالح  وتراجع الاستثمارات الخارجية في فرنسا  بنسبة 45% ومعدل البطالة في ارتفاع صاروخي ولا احد يستطيع التنبؤ بما سيكون عليه قتامة الوضع الفرنسي وعلى مستوى مالي الجنوبية فتقول تقارير خاصة لدى مراكز صنع القرار الغربي إنها تحتاج لكثر من 30 سنة لتعود كما كانت في عهد الفا عمر كوناري أما الشمال فيحتاج الى الوحدة الوطنية من خلال مشروع المقاومة الوطنية الشريفة الذي تناضل من أجله القوى الوطنية من اجل استتباب الأمن حتى تتمكن الشركات الغربية من التنقيب واستخراج الثروات الطبيعية من خلال دولة أزوادية مستقلة آمنة مستقرة فاعلة  في محيطها الإقليمي والدولي فيدراليية بين ثلاثة إقليم هي تينبكتو وغاو وكيدال .
لكل إقليم برلمان محلي وحكومة محلية بالإضافة إلى البرلمان الاتحادي الأزوادي و أن تكون هناك حكومة اتحادية أزوا دية يكون النظام المحلي لكل إقليم برلماني يختار نوابه المحليون   المناصب السيادية  داخله بشكل توافقي بين القبائل والتنظيمات  ضمن قانون داخلي يكتبه أبناء كل إقليم بما يتناسب مع خصوصيته السكانية وتوازناته الاجتماعية  ويختار كل إقليم ممثليه في المناصب السيادية الاتحادية ووزرائه في الحكومة الاتحادية.
 ويكون النظام الاتحادي الأزوادي  نظام برلماني يختار فيه النواب الاتحاديون قادة المناصب السيادية بشكل توافقي وفي سلة واحدة من أبناء الأقاليم الثلاثة بأن يكون رئيس الجمهورية من غاو , ورئيس الحكومة من تمبكتو , ورئيس البرلمان من كيدال , ورئيس مجلس الشيوخ أو الأعيان الغرفة الثانية للبرلمان من البرابيش , ورئيس المجلس الأعلى الاقتصادي والاجتماعي من السنغاي ,  ورئيس المجلس الأعلى للقضاء من الفلان  مثلا  ولكل منهم صلاحياته التي يحددها دستور البلاد, كما تتوزع الوزارات السيادية بمعدل وزارة سيادية لكل إقليم وذلك بشكل توافقي وضمن دستور وطني أزوادي يكتبه أبناء أزواد من خريجي كليات الحقوق والعلوم السياسية والشريعة الإسلامية لبناء دستور مستمد من الشريعة الإسلامية حتى نبني دولة الأصالة والمعاصرة ببناء دولة متقدمة شعبها مسلم متدين آمنة مستقرة فاعلة في محيطها الإقليمي والدولي .
إن النضال السلمي أجدى وأنفع للقضايا العادلة من الحروب والصراعات وأن المقاومة الذكية عبر القلم أفضل من العنتريات الكاذبة كما أن الدعوة إلى الإسلام تبدأ من تلميع صورته  ثم تشجيع الجاليات الإسلامية في الدول الغربية على المشاركة السياسية في بلدانهم والدخول في تحالفات لخدمة قضاياهم وتلميع صورة الإسلام وجعله رقم صعب في سياسة بلدانهم التي يحملون جنستها والمساهمة في تعديل دساتير وأنظمة وقوانين بلدانهم لمنح الدين الإسلامي مكانة تساوي بقية الأديان السماوية الأخرى في الغرب واستصدار قوانين وتشريعات تجرم الإساءة للإسلام ونبيه ورموزه وتجريم الإساءة للشعوب المسلمة مثل قوانين معاداة السامية وقوانين تجريم إنكار مذبحة الأرمن.
بقلم : أبو بكر الأنصاري
 رئيس المؤتمر الوطني الأزوادي

هناك تعليق واحد:

  1. damartoum azawad bi3amlatikom..li faranssa wanassitom man you7arib douddaha wa doudd mali

    ردحذف