الأحد، 15 يونيو 2014

فرنسا بين أوهام المشاريع القبلية وواقع تمسك الأزواديين بالاستقلال




ما  أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها  عام 1945 حتى قرر  الحلفاء المنتصرون الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي  منح فرنسا حق الوصاية على القارة الإفريقية  التي أعطت  في نهاية الخمسينات وبداية الستينات الاستقلال الصوري لجميع مستعمراتها  وقامت بتجاربها النووية في الصحراء الكبرى للانتقام من شعبها المجاهد الذي توحد  لمحاربة الاستعمار وطردها  ورفض لغتها وثقافتها  التي  سماها لغة الكفار .    

 فرنسا  هي التي حركت القذافي لتشجيع الطوارق على الثورة في مالي والنيجر عام  1990  للإطاحة  بالرئيس  المالي  السابق موسى تراوري  الذي يرفض الاشتراكيون بقيادة فرنسوا ميتران  وجوده في الرئاسة بمالي  وبعد الانقلاب على الرئيس المالي موسى تراوري عام 1991 انقلبت فرنسا  على إرادة الشعوب و دعمت باريس  التطهير العرقي الذي قام به امادو توماني توري ضد الازواديين   وأرغمت جبهات ازواد على التوقيع على اتفاقيات مذلة كان مهندسها " ادرغر بيزاني " مستشار الرئيس فرانسوا ميتران وتم تحريض  اياد اغ  غالي  ضد معارضي  الاتفاقية   وتم تصفية الزعيم  المناضل التاريخي   مانو دياك بحسب تسريبات ويكليكس الذائعة الصيت  .

وقد  تم  على مدى  ثلاث عقود من الزمان  احتكار تمثيل  قضية أزواد من طرف " مافيا اشومار " بقيادة اياد اغ غالي  مصنوعة  من قبل التنسيق الاستخباري الفرنسي  الجزائري  القذافي المالي النيجري    يثورون  متى طلب ذلك التنسيق  منهم  ويسلمون ويحرقون سلاحهم وفق تعليمات هذه الأطراف لمنح الوسطاء الإقليميين " عملاء فرنسا من الجنرالات والقذافي "  ألقاب مثل  صانع السلام في الاتحاد الإفريقي والراعي السامي للسلام في فضاء " س ص " وما وراءه  ضمن مشروع  فرنسي إقليمي قبلي إقصائي وضيق الأفق يجعل من هذه المافيا أبطال في الحرب ومليارديرات  الاتفاقيات  كما أفادت بذلك  الوثائق التي سيطر عليها ثوار ليبيا بعد سقوط القذافي  من مكاتب موسى كوسا وعبد الله السنوسي المديرين السابقين لأقوى أجهزة مخابرات القذافي  .

وما على الشعب الأزوادي  سوى الانقياد كالقطيع والتسبيح  بحمد هذه المافيا  التي يرعاها أمغار كل تماشق  ملك ملوك إفريقيا  والتنسيق الداعم له  ويهدف المشروع القبلي الفرنسي الإقليمي  إلى  تهميش وإقصاء القبائل التي تملك زعامة تقليدية وإمارات  في أزواد قبل دخول الاستعمار والمتحالفة  مع الأنظمة الملكية في المنطقة العربية  ومنذ الستينات  أصبح أبناء هذه القبائل العريقة  مبعدين عن قيادة المشهد الأزوادي بقرار فرنسي وتواطؤ إقليمي عقابا لهم على دورهم في مقاومة الاستعمار الفرنسي ويعد مشروع " الرابطة الشعبية  لتجمع قبائل الصحراء الكبرى " إحدى واجهات ذلك المشروع القبلي الفرنسي الإقليمي   الذي كان يعقد في ليبيا قبل سقوط  نظام القذافي ويمثل احد أذرع تحكم نظامه  في دول الساحل والصحراء  .

ومع وقوع أحداث 11سيتمبر 2001 سارعت فرنسا واللوبي الزنجي  الأمريكي  للترويج لكذبة ارتباط  شمال مالي   بالقاعدة لمنح  حكومة باماكو  العنصرية  شيك على بياض لذبح البيض تحت غطاء محاربة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والحصول على الدعم الغربي لها  وقام التنسيق الاستخباري  بإرسال  اياد اغ غالي وبعض المقربين منه   إلى باكستان 2005 والترويج إعلاميا لتلك الزيارة كما صنعوا له مسرحية الوساطة لإطلاق سراح السياح الألمان  لتتحول كذبة ارتباط الطوارق بحركة طالبان والقاعدة إلى حقيقة يتم استخدامها والبناء على أساسها لوضع خطط في البنتاغون " افريكوم " لغزو شمال مالي وتكرار سيناريو العراق وأفغانستان  المدمر وخلال الفترة ما بين 2006-2009 عمل الناشطون الامازيغ"  على تجنيب الطوارق ويلات حرب مدمرة وتم صياغة "مشاريع بديلة  " وذلك عبر التحالف مع الأكراد والأرمن وقد تصدى البطلان حسن فكاكا و الشهيد إبراهيم باهنغا للجماعة السلفية الجزائرية وطردوها من أزواد  .

وفي عام 2010 تأسست الحركة الوطنية الأزوادية على يد شباب أزواديين معجبين ببطولات وانجازات الشهيد إبراهيم اغ بهانغا وبعد سقوط القذافي في نهاية ثورة 17 فبراير خرج الالآف من المقاتلين الطوارق من ليبيا باتجاه أزواد يقودهم العقيد محمد ناجم وشكلوا  الجناح العسكري للحركة ليصبح اسمها " الحركة الوطنية لتحرير أزواد "  وتقوم بانجازات كبيرة توجت بطرد الجيش المالي من الأقاليم الازوادية  وإعلان بلال اغ الشريف الأمين العام للحركة الاستقلال التام .

 ثم قام  اياد اغ غالي وكيل المشروع القبلي الفرنسي الإقليمي  بتشكيل حركة أنصار الدين المتحالفة مع القاعدة  وأخواتها و أعلن أنه ضد الاستقلال وأنه يريد تطبيق الشريعة في عموم مالي وتقدم باتجاه كونا لتتدخل فرنسا وتشن هجوما ضد الازواديين وتعيد تسليم الإقليم لمالي مرة أخرى بحجة الحيلولة دون قيام دولة القاعدة في الساحل والصحراء .

وقد استطاع المشروع الأمازيغي  إبعاد خطر الغزو الأمريكي عن أقاليم أزواد والتصدي لحملات التحريض التي كان الإعلام الغربي يشنها ضد شعبه   ومنذ اندلاع الربيع العربي شارك الامازيغ بفعالية في ثورة 17 فبراير الليبية وساهموا في إنجاح المخاض الديمقراطي في تونس ويسعى المشروع الامازيغي عبر تحالفه مع بعض   دوائر صنع القرار الغربي  إلى احتضان الدور القيادي المصري لتكون  القاهرة واجهة إقليمية للمشروع الامازيغي في المنطقة العربية والقارة الإفريقية وأن تقوم مصر بمصالحة  المغرب والجزائر  لتصبح العلاقات بينهما مثل العلاقات الألمانية الفرنسية على أسس منها حل القضية الصحراوية وفق الطرح المغربي " الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية ضمن السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية " وترسيم الأمازيغية في جميع دول شمال إفريقيا ودعم استقلال أزواد لتكون دولة مغاربية

وستكون دولة أزواد جمهورية فيدرالية بين ثلاثة أقاليم " غاو وتمبكتو وكيدال " لكل إقليم حكومته المحلية وبرلمانه المحلي وسوف يقوم كل إقليم بإبرام اتفاقيات اقتصادية مع الدول المجاورة له بحيث يقوم إقليم تمبكتو بإبرام اتفاقيات اقتصادية واستثمارية  مع المغرب وموريتانيا تمنح هاتان الدولتان امتيازات تفضيلية كما تقوم هذه  الدول بإنشاء موانئ خاصة بالتجارة مع تمبكتو في  نواذيبو والداخلة وبوجدور وإقامة مشاريع  شبكات اتصالات واستثمارات  سياحية وطاقة عبر برلمانه وحكومته المحلية  ويقيم إقليم كيدال علاقات مماثلة مع الجزائر تشمل السماح لشركة سونتراك بالعمل في الإقليم كما سيبرم إقليم  غاو اتفاقيات مع النيجر وبوركينافاسو وسوف يقوم كل إقليم بصياغة قوانينه الداخلية كما ستشارك النخب الأكاديمية أساتذة القانون والعلوم السياسية الازواديين والمراجع الدينية في صياغة الدستور الاتحادي  ليكون مستمدا من الشريعة الإسلامية ويعالج بعض الأمور العصرية بطريقة تضمن الأصالة والمعاصرة وتكون دولة أزواد دولة  ذات نظام برلماني على الطريقة التركية تتوزع السلطات فيه بين الرئاسات الثلاثة " رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان  وتتوزع المناصب السيادية بين الأقاليم الثلاثة  .

بحيث يكون رئيس الجمهورية من غاو ورئيس الحكومة من تمبكتو ورئيس البرلمان من كيدال ورئيس مجلس الشيوخ الغرفة الثانية للبرلمان من عرب أزواد ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي من السنغاي ورئيس المجلس الأعلى للقضاء من الفولان  وتكون تمبكتو العاصمة الإدارية  السياسية و أن تصبح غاو العاصمة الاقتصادية وكيدال العاصمة الثقافية لأن اختيار العواصم تحدده معايير معينة فمثلا معظم أبطال سوريا من حلب وحمص وجبل اللاذقية  لكن دمشق هي العاصمة ومعظم أبطال ومشاهير العراق من الموصل والبصرة والنجف لكن العاصمة بغداد ومعظم أبطال فلسطين من غزة ورام الله والخليل  لكن العاصمة القدس  وعليه كثير من مشاهير وأبطال أزواد من كيدال وغاو و منكا   لكن العاصمة الإدارية الاتحادية هي تمبكتو .

وتعمل المرجعيات الأمازيغية على النهوض بالواقع الأمازيغي على ضوء المتغيرات الإقليمية وإيجاد آليات  لتحديث المشروع الأمازيغي  ليصبح متكاملا سياسيا واجتماعيا وثقافيا  يراعى خصوصية كل مكون أمازيغي وارتباطاته التاريخية والمذهبية وحلفائه بحيث تصب كلها في خدمة القضية الأمازيغية سواء  تعلق الأمر باستقلال أزواد عن الاحتلال المالي أو  بترسيم ودسترة  الأمازيغية وصولا لبناء منظومة أمازيغية  يتم فيها رد الاعتبار للإنسان الأمازيغي الذي كان عنصرا محوريا في بناء الحضارة الإسلامية في الأندلس وفي دولة المرابطين ويتمكن الحراك الأمازيغي من تحصين جبهته الداخلية لحماية المشروع الوطني من أي لعبة أمم .

وصولا لوضع مثل  الشعوب المشابهة  كالأرد والبشتون والأتراك والكرد وكلها شعوب مسلمة  تملك مشاريع وطنية قومية تتحدث بلغاتها وتقوم بتدريس العلوم الدينية بالعربية كما تقوم بتدريس الطب والهندسة بالانجليزية فحافظت على لغاتها وأبقت العربية لغة لتعليم الدين والانجليزية لغة لتعليم التقنيات الحديثة  وتعيش مع جيرانها من القوميات الأخرى باحترام وسلام وتعايش ضمن دول متعددة الأعراق وتعاملت مع الغرب بندية و مع العالم العربي وفق المصالح المشتركة ضمن احترام ثوابت الطرفين وهي متطورة تقنيا ومتقدمة اقتصاديا مثل النمور الأربعة " كوريا الجنوبية  وماليزيا وتايوان وتايلاند" .

إن النضال السلمي أجدى وأنفع للقضايا العادلة  وأن المقاومة الذكية عبر القلم أفضل من العنتريات الكاذبة كما أن الدعوة إلى الإسلام تبدأ من تلميع صورته  ثم تشجيع الجاليات الإسلامية في الدول الغربية على المشاركة السياسية في بلدانهم والدخول في تحالفات لخدمة قضاياهم وتلميع صورة الإسلام وجعله رقما صعبا في سياسة بلدانهم التي يحملون جنسيتها والمساهمة في تعديل دساتير وأنظمة وقوانين بلدانهم لإعطاء الدين الإسلامي مكانة تساوي بقية الأديان السماوية الأخرى في الغرب واستصدار قوانين وتشريعات تجرم الإساءة للإسلام ونبيه ورموزه وتجريم الإساءة للشعوب المسلمة مثل قوانين معاداة السامية وقوانين تجريم إنكار مذبحة الأرمن.

أبو بكر الأنصاري

رئيس المؤتمر الوطني الأزوادي

 

هناك تعليق واحد: