الخميس، 19 يونيو 2014

الطوارق اوكسجين فزان و صمام أمان الجنوب




قبل عامين  كتبت مقالا  بعنوان  " أزواد  في معادلة الأمن والسياسة الخارجية للدولة الليبية " تحدثت فيه عن ماضي الطوارق  المشرف كسكان أصليين لإقليم فزان ودورهم  في الدفاع  عن الإقليم إبان الاستعمار الفرنسي  ونصرتهم لجهاد عمر المختار وبعد انضمام فزان للاتحاد الليبي الذي تأسس عام 1951 بين ثلاثة أقاليم هي برقة وفزان وطرابلس وكيف قرر الملك إدريس السنوسي منح الجنسية الليبية لطوارق مالي والنيجر والهجار ليكونوا من كتلة اموهاغ القبلية والعرب الازواديين والموريتانيين  ليكونوا من الكتلة القبلية لأولاد سليمان   .  
فقد كان إقليم برقة إمارة مستقلة تقودها الأسرة السنوسية وكانت طرابلس تحت الانتداب البريطاني وفزان تحت الاستعمار الفرنسي الذي خرج منها مبكرا ليتفرغ لبقية أقاليم الصحراء الكبرى وقد انضمت  فزان  للاتحاد الليبي بفضل حكمة وبعد نظر  قادتها الطوارق  والعرب  لأنهم وجدوا فيه مصلحة إستراتيجية تخرج المستعمر الفرنسي  وتجعل الإقليم جزء من دولة  محورية وحلقة وصل بين المشرق والمغرب الكبير وقد ساهم الطوارق في إنجاح السياسة الخارجية لليبيا .
لقد كان إقليم فزان بطوارقه  وعربه  سندا للثورة الجزائرية وكانت نساء الإقليم المتاخم للجزائر يتبرعن بحليهن للمقاومة ويدفع ذويهن من أزواج وإخوة للتطوع للجهاد ضد فرنسا وكن ينظمن قصائد شعبية بالطارقية واللهجة الجنوبية لتمجيد أبطال المقاومة ضد فرنسا .
أرادت فرنسا الانتقام من هذا الإقليم الذي ثار ضدها وانتصر لثوار الجزائر والصحراء الكبرى  فقامت باستقدام زنوج من مستعمراتها إلى إقليم فزان  بوصفها الوصية على أفريقيا  بعضهم جاء معلمين للغة الفرنسية وبعضهم عمال مزارع لدى الطوارق واولاد سليمان وكما حدث في مناطق مختلفة  تكاثر الزنوج بوتيرة كبيرة لعدة أسباب منها انتشار ظاهرة تعدد الزوجات و رمزية المهور  فالزنجي يتزوج لأول مرة وهو على مقاعد الدراسة الإعدادية والثانوية وما ان يبلغ الثلاثين حتى يكون عنده ما بين 7-10 اولاد وثلاثة حريم وفي سن 36 سنة تكون الرابعة والصغرى طالبة ثانوية هي اخر العنقود  .
 و المرأة الزنجية عاملة تقوم بتمويل الجانب الذي يخصها من الأسرة  لان الإنجاب والتكاثر هو الهدف عندهم  كما شجعوا أفارقة كثيرون على الهجرة والتزواج معهم وصاروا يحصون القادمين الجدد على وثائق أصهارهم من أيام الاستعمار ليوفروا لهم كتيب العائلة  وهكذا تحول المستوطنون الذين زرعتهم فرنسا الى أغلبية تطالب بتطهير الإقليم من سكانه الحقيقيين .
وفي المقابل كانت  بعض عادات وتقاليد العرب والطوارق في فزان   سببا في تقلص أعدادهم فهناك غلاء  المهور والفوارق القبيلة وتأخر سن الزواج بسبب التحصيل الأكاديمي وامتلاك رأس مال يجعل الرجل كفؤ بان يتقدم لفتاة من أسرة معينة كما انشغل العرب والطوارق بالتحاسد والتنافس على فتات المؤتمرات الشعبية الأساسية والرابطة الشعبية لقبائل الصحراء والتنافس على رتب المغاوير والكتائب  وغيرها من تفاهات النظام السابق كما انشغلوا بكتابة تقارير ضد  بعضهم البعض للأمن الداخلي بقيادة عبد الله السنوسي  وصار  البعض ينكر ليبية البعض الأخر كما ساهمت مخابرات القذافي في زرع الخلافات والمنافسات بين الطوارق من جهة وبين العرب كل هذا أدى إلى تراجع مكانة العرب والطوارق في فزان خلال فترة حكم القذافي  .
 كما تأخر إقليم فزان عن بنغازي ومصراته وجبل نفوسه  في الانضمام للثورة وكان أخر منطقة تسقط بيد ثوار 17 فبراير حيث كان الفزازنة  في البداية متفرجون ينتظرون المنتصر ليعلنوا ولاءهم له فإن انتصر القذافي قالوا إنهم ضد المؤامرة الصهيونية والامبريالية والرجعية التي تقودها قطر وساركوزي والناتو والقرضاوي  التي ترمي لتخريب مكتسبات  ثورة الفاتح والاتحاد الإفريقي "والفاتح أبدا والكفاح الثوري مستمر " ،  وان انتصر الثوار قالوا بأنهم ضد الديكتاتورية والاستبداد ومع إرادة الشعب الليبي   وضد المرتزقة  العائدين وهو ما فتح المجال لتصفية حسابات أدت لتأخر التنمية بفزان وتعطل خدمات الكهرابا والاتصال والى تخلف غير مسبوق .
وقد استخدم نظام القذافي نقاط ضعف الطرفين وفق  سياسة فرق تسد حيث قام بتعيين عبد الرحمن شلغم وبشير صالح في مواقع في نظامه وكانوا مدعومين من مبروكة الشريف التي كانت تقود جهاز مخابرات هو الأقرب لملك ملوك إفريقيا فاستخدموا دعمها لهم  لحماية الفزازنة الذين يرتكبون جرائم اغتصاب بحق بنات الطوارق والعرب , وقد استخدم القذافي فزازنة نظامه لتسويق نفسه كمدافع عن  حق السود وتحرير الإنسان الإفريقي من العبودية  وفي مغازلة محبي  نضال نيلسون مانديلا وفي التقرب من اللوبي الزنجي الأمريكي وقد تولى الكثير من الفزازنة مناصب  في مخابرات موسى كوسا وعبد الله السنوسي واستخدموا مواقعهم لتصفية حسابات مع اموهاغ  واولاد سليمان وتأليب نظام القذافي ضدهم  .
وخلال ثورة 17 فبراير استطاع الفزازنة إيجاد لعبة توزيع الأدوار كما فعلت عدة أطراف الليبية  لم تكن ترغب في الخروج بحفي حنين  فطلب شيوخ الفزازنة من عبد الرحمن شلغم أن يبكي دموع التماسيح  في الأمم المتحدة على الشعب الليبي الذي كان على مدى 40 سنة يخونه مع القذافي ذلك الشعب الذي سهل شلغم لموسى كوسا اختطاف وقتل الكثير من ابنائه الشرفاء عندما كان سفيرا في ايطاليا وطلبوا من بشير صالح البقاء مع القذافي  وكلفوا شبابهم بالكتابة في المواقع الليبية المعارضة ضد الطوارق  العائدين ووصفهم بالمرتزقة وقام عبد الرحمن شلغم يوم 20 يونيو 2011 بإجراء مقابلة مع جريدة الشروق الجزائرية وصف نفسه بأنه من أصل جزائري وقال عن الطوارق إنهم يحمون القذافي لأنه وعدهم بدولة في جنوب الجزائر  كما حرض شلغم محمود جبريل ودفعه للقول في مؤتمر صحفي خلال زيارته للعراق إن القذافي يحميه الطوارق في الجنوب وبعد أسبوع أعلن جبريل نفسه مقتل القذافي في سرت وحوله جيش من القذاذفة وورفة والمقارحة في حين  كان الطوارق يشكلون كتيبة تنيري في جبل نفوسة ويدربون ثوار الامازيغ  الذين دخلوا  طرابلس وخرج آخرون إلى أزواد ليقودوا انتفاضة مباركة أخرى  .
وقد شغل الفزازنة أنفسهم طوال فترة الثورة بتأليب الثوار ضد الطوارق وسعوا لدق اسفين بين الطرفين   وهنا لابد من قول كلمة حق في كل  من المستشار مصطفى عبد الجليل والشهيد عبد الفتاح يونس واللواء خليفة حفتر الذين واجهوا شلغم وغيره  بأنه لولى نضال المعارضين الطوارق  والامازيغ في الخارج لما تخلى الغرب عن القذافي الذي قدم للمشروع  الصهيوني ما لم يقدمه غيره لجهة جرائمه في حق الفصائل الفلسطينية  أيلول الأسود  وفي لبنان  خطف الزعيم موسى الصدر  ، كما نسق الفزازنة مع جنرالات الجزائر لافتعال مشكلة الغدامسيين والطوارق لصناعة مظلومية   في ليبيا يمكن للجزائر جعلها ورقة للتدخل في شؤؤن ليبيا  وألبوا ثوار مصراته ضد الطوارق وكان هدفهم إن يعتمدهم النظام الجديد كممثلين لفزان على حساب سكانه الاصليين كما لعب الفزازنة  دور مهم في صراع اولاد سليمان والتبو  لإضعاف الطرفين و لشق صفوف بيض فزان العرب والطوارق .
على الجميع إدراك  أن الطوارق  و اولاد سليمان هما طرفي المعادلة في اقليم فزان وهم محط تقدير كل القبائل الليبية وان من يحاول إخراج الطوارق من فزان هو كمن يحاول  إخراج الاكسجين من الماء فلا ماء بدون اكسجين وهيدروجين ولا فزان بدون طوارق واولاد سليمان وعلى جميع عقلاء ليبيا إصلاح ذات البين وإقناع الفزازنة الذين صدقوا كذبة ان تعلم اللهجة الليبية سوف يجعلهم يحولون  اقليم فزان إلى زمبابوي  يستولي سودها على  مزارع بيضها وعلى الحكماء الصلح ووضع حد لهذه الحماقات التي لا طائل من ورائها وأن الطوارق هم صمام أمن الجنوب الليبي وبدونهم سيكون مستباح الحمى وان كل من يحرض ضد الطوارق إنما يسعى لتفتيت وصوملة ليبيا  .
أبو بكر الأنصاري
رئيس المؤتمر الوطني الازوادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق