الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

شعب أزواد من فشل الثورات إلى بناء الدولة



ماضي أي شعب وتاريخه هو الذي يبني  حاضره الذي يتوقف مستقبله على حسن التصرفه فيه ليكون ذلك المستقبل مشرقا فالشعوب التي كانت أرضها أقاليم تابعة لدول عبر التاريخ ثم جاء المستعمر وبنى لها دول من صنعه تختلف عن الشعوب التي كانت مدنها عواصم للدول والخلافات عبر التاريخ فمدينة الخرطوم  وباماكو ونيامي    تختلف عن بغداد ودمشق والقاهرة  مثلا .
ومن أسباب فشل الثورات الأزوادية  السابقة اعتمادها على القوة العسكرية في معركة غير متكافئة ضد نظام مجرم يملك الترسانة والدعم الإقليمي والدولي وكذلك عدم وجود تخطيط لإدارة الصراع مع مالي  وإهمالها لدور السياسيين والمفكرين والمثقفين وكذلك الأنانية و الشخصنة ومحاولات بعض القادة بناء أمجاد شخصية خاصة بهم على حساب معاناة وعذابات شعبنا الجريح  وتآمر قادة بعض الفصائل مع مالي ضد التنظيمات المطالبة بالاستقلال وسرقة أفكارها وبرامجها ومشاريعها وإنشاء فصائل  يقودها أتباعهم  تتاجر بأفكار التنظيمات المطالبة بالاستقلال لكسب الرأي العام الداخلي قبل إبرامها صفقات مع مالي حتى أضحت الثورة مرتبطة بمافيات بعينها  وشلل معينة وغيرهم لاشيء  داخليا  .
وأيضا كان للمؤامرات الخارجية دورها  و تدخل أجهزة مخابرات مالي وحلفائها للإجهاز على الثورات الأزوادية  بشراء ذمم قادتها ورشوة شيوخ قبائلهم بمناصب برلمانية وامتيازات حكومية خارجيا وكذا الأنانية و الشخصنة والرغبة في احتكار تمثيل أزواد من طرف بعض القيادات الفاسدة الفاشلة أوصل الأمور إلى حد طلب دولة مالي تدخل أجنبي أممي ظاهره محاربة الجماعات الإجرامية الإرهابية التي أدخلها بعض الخونة إلى أزواد وباطنها دفن حلم الشعب بحق تقرير مصيره.
وعليه يجب على صناع الثورات والفاعلين فيها تثقيف الشعب بماضيه وصناعة الهوية الوطنية له من أجل صياغة مشروعه الوطني الذي يحدد أسلوب الثورة وخطابها والأهداف قريبة المدى  خلالها  والبعيدة خلال مرحلة الدولة وهويتها ونظامها السياسي واقتصادها وعلاقاتها الخارجية ودور كل مدينة فيها بحيث تتوزع الأدوار بينها فمنها ما هو عاصمة إدارية وأخرى عواصم اقتصادية وثقافية وعواصم رياضية وهناك جامعات كبيرة في قرى صغيرة فجامعة اوكسفورد  البريطانية مثلا تقع على بعد 200 كلم من لندن .
وعليه فإن الثورة يجب أن تسير وفق مشروع وطني واضح المعالم يعرف الشعب بداياته والأدوار المراد أن تلعبها الدولة المنشودة في محيطها الإقليمي والدولي وأن يكون اختيار العواصم الإدارية والاقتصادية والثقافية مبني على أسس تاريخية وإستراتيجية وليس خاضع لأهواء قادة الفصيل الأقوى عسكريا أو وفق مصالح الشلة التي تملك مالا وسلاحا أو نتيجة  نزوات القائد الميداني الذي حقق انجازات كأن يجعل العاصمة مسقط رأسه او مدينة زوجته  فيهمش مدن تاريخية تملك مواقع إستراتيجية  ولها مكانتها في تاريخ العالم الإسلامي  .
 وعبر التاريخ الحديث للشعوب فإن القادة والزعماء الذين حققوا انجازات عسكرية فشلوا في البقاء في سدة الحكم في بلدانهم ومثال ذلك تشرسل رئيس حكومة بريطانيا  وشارل ديغول الرئيس الفرنسي  قائدي بلديهما في الحرب العالمية الثانية لأن أولويات الشعوب اقتصادية تنموية أكثر مما هي عسكرية.
فمثلما القدس عاصمة فلسطين وبغداد عاصمة العراق ودمشق عاصمة سورية فإن تمبكتو عاصمة دولة أزواد فهي الأكبر مساحة والأكثر سكانا وهي الأكثر شهرة  في الصحراء الكبرى  وأمراءها منذ 300 سنة هم من يقود السياسة الخارجية  لإمارات الصحراء الكبرى  و قد حاول بعض الليبيين عام 1940 جعل مدينة بنغازي كبرى مدن إقليم برقة عاصمة للبلاد لأنها من قاد المقاومة ضد إيطاليا واليها ينتمي كل من عمر المختار والأسرة السنوسية  الحاكمة وان 80% من أبطال تحرير ليبيا من أبناء إقليم برقة   لكن الليبيون لأسباب تاريخية وإستراتيجية توافقوا على أن تكون طرابلس الغرب عاصمة ليبيا وخلال ثورة 17 فبراير التي انطلقت من بنغازي ورغم أن  المجلس الانتقالي الليبي اتخذ في الأشهر الأولى عقب تأسيسه  من بنغازي مقرا له وقاده احد أبناء إقليم برقة  مصطفى عبد الجليل إلا أنه انتقل إلى طرابلس الغرب وتم اختيار عبد الرحيم الكيب لرئاسة الحكومة تحت سلطة المجلس الانتقالي حتى تم انتخاب أول برلمان ليبي منذ 42 عام واختار ذلك البرلمان " المؤتمر الوطني العام " حكومة أخرى .
 وبالتالي فإن تمبكتو هي عاصمة أزواد  وفيها  ستصنع مؤسسات الدولة ويتم اختيار قادة المناصب السيادية للدولة الأزوادية " رئاسة الجمهورية , رئاسة الحكومة ’ رئاسة البرلمان  بشكل توافقي بين أبناء الأقاليم الثلاثة غاو و تمبكتو و كيدال " وبالتالي يستحيل  على أي  فصيل  أو حركة مهما كانت شرعيتها وشعبيتها وإعجاب الشعب بانجازاتها أن تفرض  مدينة قادتها عاصمة للوطن  متجاهلين جميع الحسابات والحقائق التاريخية والإستراتيجية وإلا  أفرز ذلك الإجراء الأحادي الجانب دولة عرجاء  تنخرها الانقسامات داخليا وتعصف بها المؤامرات الخارجية .
فالمشروع الوطني الأزوادي الذي تعمل القوى الوطنية على تحقيقه  يقضي ببناء دولة فيدرالية مكونة ثلاثة أقاليم رئيسية " غاو و تمبكتو و كيدال " لكل إقليم برلمان محلي وحكومة محلية بالإضافة إلى البرلمان الاتحادي الأزوادي و أن هناك حكومة اتحادية أزوادية ويكون النظام المحلي لكل إقليم برلماني يختار نوابه المحليون   المناصب السيادية  داخله بشكل توافقي بين القبائل والتنظيمات  ضمن قانون داخلي يكتبه أبناء كل إقليم بما يتناسب مع خصوصيته السكانية وتوازناته الاجتماعية  ويختار كل إقليم ممثليه في المناصب السيادية الاتحادية ووزرائه في الحكومة الاتحادية.
 ويكون النظام الاتحادي نظام برلماني يختار فيه النواب الاتحاديون قادة المناصب السيادية بشكل توافقي وفي سلة واحدة من أبناء الأقاليم الثلاثة بأن يكون رئيس الجمهورية من غاو , ورئيس الحكومة من تمبكتو , ورئيس البرلمان من كيدال , ورئيس مجلس الشيوخ أو الأعيان الغرفة الثانية للبرلمان من البرابيش , ورئيس المجلس الأعلى الاقتصادي والاجتماعي من السنغاي ,  ورئيس المجلس الأعلى للقضاء من الفلان  مثلا  ولكل منهم صلاحياته التي يحددها دستور البلاد, كما تتوزع الوزارات السيادية بمعدل وزارة سيادية لكل إقليم وذلك بشكل توافقي وضمن دستور وطني أزوادي يكتبه أبناء أزواد من خريجي كليات الحقوق والعلوم السياسية والشريعة الإسلامية لبناء دستور مستمد من الشريعة الإسلامية حتى نبني دولة الأصالة والمعاصرة ببناء دولة عصرية شعبها مسلم متدين آمنة مستقرة فاعلة في محيطها الإقليمي والدولي .
وبالنسبة لأدوار كل إقليم فإن:
 تمبكتو :  العاصمة السياسية والإدارية للدولة الأزوادية بسبب موقعها الاستراتيجي وتاريخها وبها تتوفر جميع مواصفات وشروط العاصمة
 غاو :  فهي العاصمة الاقتصادية للبلد بسبب تاريخها الاقتصادي بين إقليم فزان الليبي ودول غرب إفريقيا ومقرا للعديد من الاجتماعات الإقليمية والدولية التي تستضيفها دولة أزواد مثل كراتشي  في باكستان
  كيدال :  فهي العاصمة الثقافية بسبب احتضانها وحفاظها على العديد من الثقافات والتراث الأزوادي مثل مدينة أزمير التركية التي تستضيف المهرجانات الثقافية التركية  
منكا : هي العاصمة الرياضية لأزواد مثل برشلونة ومركز سياحي متميز .
أما هوية الدولة الأزوادية  فإنها ستكون دولة مغاربية لان الشعب الأزوادي أقرب للمنظومة المغاربية بسبب تشابه التركيبة السكانية والثقافة  والتاريخ المشتركين مع محيطها المغاربي  من دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقية وستكون دولة أزواد حلقة وصل بين الشرق الأوسط  وغرب ووسط إفريقيا ودولة جاذبة للاستثمارات الخارجية بالإضافة إلى ثرواتها النفطية ويجب على كل إقليم وضع برامج تنموية لرفع دخل الفرد حتى يكون المستوى المعيشي للمواطن الأزوادي مثل نظيره في إقليم كردستان وكذا تفعيل السياحة والمشاريع السياحية للترويج لتراث وتاريخ المنطقة فالسياحة تشكل 40% من اقتصاديات دول مثل  تونس ومصر وفي أزواد والصحراء الكبرى  الكثير من المعالم السياحية التي تضاهي نظيراتها .
وفي مجال السياسة الخارجية ستكون دولة أزواد دولة مسلمة معتدلة حليفة للغرب وتكون جزء من المنظومة المغاربية ولها علاقاتها في منطقة الشرق الأوسط والدول الإسلامية الأسيوية والقارة الإفريقية وتؤسس لأفضل العلاقات مع محيطها الإقليمي والدولي  و يكون  أزواد دولة مسلمة  معتدلة  سنية مالكية المذهب حليفة للغرب مثل تركيا وإقليم كردستان الشافعيتا المذهب  وجمهوريات أسيا الوسطى المسلمة  مثل تركمانستان و طاجاكستان وباكستان   وكلها دول إسلامية معتدلة لها دساتير مستمدة من الشريعة الإسلامية بالإضافة إلى نظامها البرلماني وفق الأصالة والمعاصرة .
بقلم : أبو بكر الأنصاري
 رئيس المؤتمر الوطني الأزوادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق