الأحد، 14 أكتوبر 2012

أزواد في أجندة السياسة الخارجية للمملكة المغربية




لا يختلف اثنان حول أهمية القضية الأزوادية بالنسبة للمملكة المغربية وهذا الاهتمام له جذوره  التاريخية فولاية تمبكتو كانت جزء لا يتجزأ من الدولة المرابطية ودولة الموحدين والسعديين كما أن بعض قبائل ولاية تمبكتو من أصول أندلسية  مغربية سواء تعلق الأمر بالقبائل الأمازيغية أو حتى البرابيش وخلال فترة  مقاومة الاستعمار الفرنسي كان الأمير محمد علي الأنصاري أمير طوارق تمبكتو هو  الذي يدير السياسة الخارجية للطوارق ويتفاوض ويتحدث مع الدول والقوى الكبرى باسم بقية إمارات الطوارق بوصفه مهندس السياسة الخارجية الطوارقية.
وقد وطد الأمير محمد علي الأنصاري  علاقاته مع المملكة المغربية في عهد الملك محمد الخامس في إطار ما كان يسمه المغاربة في الأربعينات عمقهم الجنوبي وثغرهم في الصحراء الكبرى وقد خلت كتابات كثير ممن دونوا تاريخ المغرب الحديث من أية إشارة من قريب أو من بعيد لأي دور للأمير محمد علي الأنصاري أو بقية القادة  الجنوبيين للحركة الوطنية للمغرب الكبير في الخمسينات أمثال أمراء قبائل الصحراء الكبرى وشيوخ   الصحراء المغربية الذين كان نضالهم لصالح المغرب الكبير مرجع للسياسة المغربية تجاه الملف الصحراوي بسبب مساندتهم للأسرة المالكة المغربية إبان ثورة الملك والشعب ودفاعهم عن مغربية الصحراء المغربية .
وقد وطد حزب الاستقلال المغربي بقيادة علال الفاسي والاتحاد الاشتراكي بقيادة المهدي بن بركة وحزب بورقيبة التونسي  وجبهة التحرير الوطني الجزائري بقيادة احمد بن بيلا علاقاتهم مع جمال عبد الناصر  وحزب البعث العربي الاشتراكي بقيادة ميشيل عفلق والبيطار الذين كانت سياستهم ومواقفهم  معادية للامازيغ عامة والطوارق بشكل خاص فأقنع عبد الناصر قادة أحزاب دول المغرب الكبير بعقد صفقة مع إفريقيا السوداء " مالي , السنغال , ساحل العاج , غانا , الحبشة " من أجل تقسيم الطوارق بين أربع دول  بهدف منع قيام أي كيان امازيغي يفصل بين القومية العربية والقوميات الزنجية .
 و كان للأسر الملكية في كل من " ليبيا والمغرب والعراق والكويت " رأي أخر وهو دعم قضية أزواد لبناء حزام ابيض يمنع تدفق الأفارقة السود نحو المغرب الكبير للحفاظ  النقاء العرقي لدول شمال إفريقيا وحماية المذهب المالكي من شعوذات وبدع الأفارقة السود مثلما كان السودان حزام يمنع تدفق الأفارقة السود نحو مصر والشام ومثلما العراق حزام يمنع التدفق الفارسي نحو الجزيرة العربية والشام  وقد استطاع حزب البعث العربي الإشتراكي  و جمال عبد الناصر الإطاحة بالملكية في العراق عام 1958 وليبيا عام 1969 والنظام الأميري في اليمن عام 1962   مما جعل المغرب يرضخ لرغباتهم في عدة ملفات ومنها الملف الأزوادي كما خسر المغرب موريتانيا وبقي المغرب يدافع عن حقوقه في صحرائه المغربية وفي مدينتي سبته ومليلية والجزر الجعفرية .
لقد عمل الأمير محمد علي الأنصاري مع الملك محمد الخامس خلال السنوات الحرجة من تاريخ المغرب عندما تكالب الفرنسيون والقومجيون بقيادة جمال عبد الناصر والبعثيين  ضد الأسرة الملكة المغربية عندما تم نفي الملك محمد الخامس وولي عهده الشاب المتعدد المواهب الأمير الحسن الذي أصبح لاحقا الملك الحسن الثاني واستطاع الأمير محمد علي الأنصاري بالتنسيق مع حلفائه في موريتانيا حشد دعم سكان تمبكتو وأصدقائه من شيوخ  الصحراء المغربية لمساندة الأسرة المالكة المغربية خلال ثورة الملك والشعب حتى صار الفرنسيون يستغربون من انتفاض تمبكتو لمساندة الملك محمد الخامس وعندها قرر الحاكم العسكري الفرنسي لغرب إفريقيا سلخ تمبكتو وموريتانيا عن الحكم المغربي فضم ولاية تمبكتو إلى داكار وضم موريتانيا إلى سان لوي في السنغال .
لقد كان للأمير محمد علي الأنصاري وشيوخ قبائل الصحراء المغربية  دور متميز في ثورة الملك والشعب بالمغرب أنكره كثير ممن دونوا تاريخ المغرب ولذلك وجدنا من واجبنا لفت الانتباه لدور الأمير محمد علي الأنصاري في ملحمة ثورة الملك والشعب لتوضيح أن لثورة الملك والشعب أبطالا آخرين  وهم من أبطال الجنوب " أزواد وموريتانيا والصحراء المغربية "وهؤلاء قدموا للمغرب ما لم يقدمه غيرهم  و لو رجع المغرب لنهج هؤلاء الأبطال الجنوبيين  لكان دولة محورية في محيطه الإقليمي والدولي.
وفي عام 1963 وقعت معركة الرمال بين المغرب والجزائر حول تندوف وتزامنت تلك المعركة مع ثورة كيدال وعرض موديبو كيتا أول رئيس لمالي بعد الاستقلال وساطته بين الطرفين مقابل تسليمه قادة ثورة كيدال  "ألادو وزيد اج الطاهر في كيدال  المتواجدين في تمنرست والأمير محمد علي الأنصاري  المقيم في الرباط " آنذاك وتم له ذلك وتحقق وقف لإطلاق النار بين  الجيشين المغربي والجزائري الخارج للتو من حرب تحرير ضد فرنسا اغلب أبطالها من الطوارق وأن  45 % من المليون ونصف شهيد من أبناء أزواد وأير  حيث كان أبناء تمبكتو منهم يقاتلون من أجل مغرب كبير يضم" أزواد وموريتانيا والصحراء المغربية  والمغرب" بينما يقاتل أبناء كيدال وغاو وتمنرست من أجل بناء مغرب أوسط يمتد من البحر المتوسط إلى نهر النيجر "المغرب الأوسط " هو الاسم القديم للجزائر   وكان الطوارق في  شرق الصحراء الكبرى يقاتلون على جبهة ثالثة في إقليم فزان  الليبي بالتنسيق مع عمر المختار والأسرة السنوسية في إقليم برقة وكان الأمير محمد علي الأنصاري مهندس السياسة الخارجية للطوارق على الجبهات الثلاثة وحلقة وصل بينهم وبين العالم العربي وبقية حركات التحرر كحركة مصطفى البرزاني في إقليم كردستان.
و أمضى قادة أزواد في سجون مالي ما بين 1963- 1977 بعدها عاد الأمير محمد علي بن الطاهر الأنصاري للمغرب بعد  أداء فريضة الحج  حيث أكرمه الملك الحسن الثاني واسكنه في حي اليوسفية في الرباط ثم في تمارا بين الرباط والدار البيضاء حيث قضي أخر حياته حتى انتقل الى جوار ربه عام 1995 رحمه الله واسكنه فسيح جناته .
واليوم يجد المغرب نفسه بحاجة للعب أدوار في قضية أزواد لسببين
أولاهما : لمنع الجزائر الداعم الرئيسي لجبهة البولساريو من الانفراد  بمنطقة الساحل والصحراء لكن المعضل الذي يواجه المغرب أن 60% من قادة أزواد  هم من إقليمي كيدال وغاوا ومرتبطين  بالجزائر ويحملون الجنسية الجزائرية وبعضهم كان مرتبط بالقذافي  وأن اغلب التنظيمات الأزوادية الفاعلة عسكريا  يقودها في نظر الرباط إما أشخاص من إقليم كيدال يحملون الجنسية الجزائرية او يدينون لها بالولاء أو أشخاص  عمل بعضهم سنوات في خدمة القذافي أو لهم ارتباطات بدول إقليمية داعمة للبولساريو ولا يستطيع المغرب الرسمي التعاون مع هذا النوع القيادات
وثانيا : أن ولاية تمبكتو المرتبطة تاريخيا بالمغرب  مهمشة في صناعة القرار الأزوادي فهي تعاني من احتلال مزدوج من  طرف  تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي المصنوع جزائريا  وكذا حركة أنصار الدين  الموالية للجزائر   بقيادة رجل المؤسسة  الجزائرية في أزواد  إياد اغ غالي كما أن تمبكتو  غائبة في صناعة القرار في الحركة الوطنية لتحرير أزواد  حيث يوجد عضو واحد من إقليم  تمبكتو   من أصل 28 عضوا في المجلس الوطني الانتقالي  المشكل من طرف الحركة الوطنية  لتحرير أزواد    .
رغم أن  إقليم تمبكتو الأوسع مساحة والأكثر كثافة سكانية وذو موقع استراتيجي وأبناؤه ناشطون سياسيا وإعلاميا في القضية الأزوادية وهذه بعض أسباب تحفظ الرباط حيال الحركة الوطنية كما يقوم بعض الكتاب العرب الأزواديين المؤيدون للحركة الوطنية بكتابة مقالات تنتقد دور الأحزاب الامازيغية المغربية وتتهمها بنشر فكر امازيغي شوفيني مناهض للعرب  في أزواد من اجل إبقاء احتكار الجزائر السيطرة على التنظيمات المسلحة الفاعلة على الساحة الازوادية .
ويشعر المغرب بغضب شديد بعد هدم الأضرحة والمساجد التاريخية في تمبكتو من طرف  تنظيم القاعدة و حركة أنصار الدين الموالية للجزائر وهي معالم يعتبرها المغرب جزء من تاريخه وحضارته الأندلسية لأن أغلبها شيد أثناء حقب حكم المغرب على إقليم تمبكتو  ويتوقع   الخبراء المغاربة في شؤون أزواد   طرح خطط مغربية للعمل بفعالية في الساحة الأزوادية ومنافسة الجزائر في هذه الساحة   .
 وذلك بأن يدعم المغرب حلفائه في ولاية تمبكتو بدعم تيار وطني حر سياسي معروف بمناهضته للتدخل الجزائري في الشؤون الازوادية  ومؤيد للطرح المغربي في القضية الصحراوية " الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية في إطار السيادة المغربية " يكون قادته ومؤسسيه من ولاية تمبكتو ويستقطب الناقمين على الدور التخريبي الجزائري من أبناء كيدال وغاوا  ليكون مثل تيار  المستقبل اللبناني بقيادة سعد الحريري  وأن  يبني هذا التيار تحالفات في ولايتي تمبكتو وغاو تصبح مثل قوى 14 آذار يدعمه المغرب وليبيا ودول الخليج كمرحلة أولى ثم تركيا وأميركا وفرنسا .
وبذلك تفقد الجزائر سطوتها ونفوذها في أزواد وينتهي عهد الوصاية الجزائرية ولن تجرؤا الجزائر على فرض اتفاقيات أو تنصيب عملاءها وفي ذلك فوائد للشعب الأزوادي منها إنجاح تجربة التعددية الحزبية والفصائلية في إطار المشروع الوطني الأزوادي كما هو الحال في التجربة الناجحة لإقليم كردستان حيث يوجد الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني ومقره اربيل ومعظم قادته من اربيل وهو مقرب من تركيا  و أيضا الاتحاد الوطني الكردستاني  بقيادة جلال الطالباني ومقره السليمانية ومعظم قادته من أبناء السليمانية وهو مقرب من إيران وهناك أحزاب إسلامية كردية سنية شافعية المذهب  مقرها دهوك ومقربة من جماعات الأخوان المسلمين في العالم العربي .
 وهذه القوى من المحافظات الثلاثة  تتشارك حكم إقليم كردستان وتكون حيث وضعتها صناديق الاقتراع وخيار الشعب وبالتالي لا يوجد في كردستان من يقول عن نفسه إنه الممثل الشرعي والوحيد للشعب فالجميع يستمد شرعيته من أصوات الشعب ومن نشاط قواعده الشعبية وكل هذه الأحزاب والقوى واذرعها في المجتمع المدني ممثلة البرلمان الكردستاني وحكومته وأجنحتها العسكرية ممثلة في قوات البشمركة " الجيش الوطني الكردي وممثلة في الأجهزة الأمنية لكردستان وكلها تعمل من أجل المصلحة العلياء الكردية .
بقلم : أبو بكر الأنصاري
رئيس المؤتمر الوطني الأزوادي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق